الاثنين، 30 مايو 2011

"دكان شحاتة".. فيلم دعا إلى أحداث يناير


جوع وإثارة جنسية وطعن فى الإسلام
"دكان شحاتة".. فيلم دعا إلى أحداث يناير

كتب محمود خليل:
حينما عرض فيلم "دكان شحاتة" منذ عام تقريبا وأثار ما أثار من جدل وهجوم ودعاوى قضائية طلبت من أحد الأصدقاء مشاهدة الفيلم فأهدانى أسطوانة للفيلم, شاهدته وقتها, ولكنى اعدت مشاهدته ثانية لإننى استدعيت مشاهده عقب أحداث يناير, وتيقنت بعد ذلك أن الفيلم كان دعوة إلى "الثورة", والتمرد, وصرخة تحذير إلى المسئولين وقتها, والذين اصموا الأذان –كعادتهم- ولم يدركوا الخلفية التى انطلق منها الفيلم, والدعوة المبطنة للتمرد, على الحكومة.
يبدا الفيلم باستعراض تاريخى من خلال مانشيتات الصحف لأحوال مصر بطريقة تنازلية تبدأ بأحداث غزة وتنتهى باغتيال الرئيس الراحل أنور السادات, وبينها أحداث الأمن المركزى وانتخاب الرئيس والأفراج عن المعتقلين والعدوان على العراق وموت عرفات وغيرها من الأحداث التى مرت بها مصر والأمة العربية خلال الثلاثين عاما الماضية فى إشارة من المخرج إلى أن الأحداث التى مرت بمصر والأمة العربية كلها كوارث.
اقحم المخرج مشهدين فى الفيلم وركز عليهما طويلا ولا ندرى سببا لوجودهما فى سياق الفيلم إلا الإساءة لمصر ورسم صورة سلبية وغاية فى القتامة بل إن أشد الكارهين لمصر والمصريين ومن خارج مصر لا يستطيع أن يلصق بالمصريين تلك التهمة.
المشهد الأول: كان إستيلاء بعض المواطنين على قطار محملا بالقمح أو الأرز - لم يتضح من المشهد- والمشاجرات التى نشبت بين هؤلاء المواطنين للإستيلاء على أجولة القمح أو الأرز تعبيرا عن الجوع الذى يعانى منه المصريون.
المشهد الثانى: خناقة المواطنيين على الخبز أمام مخبز وبنفس الصورة يهجم الأهالى على المخبز ويستولون على الخبز ويتشاجرون أيضا للفوز برغيف من الخبز.
هل شاهد أحد من المصريين مشهد مثل هذين المشهدين على الطبيعة؟..
فرغم أزمة الخبز التى مر بها المصريون مؤخرا وحدوث بعض حالات الشجار وإنفلات الأعصاب بين المواطنين ووقوع حادثة قتل بسبب أسبقية الحصول على رغيف خبز فإن المشهد الذى صوره خالد يوسف فى الفيلم بعيد تمام البعد عن الواقع ولا يحمل أى دلالة سوى الإساءة إلى المصريين حتى لو برر ذلك المشهد بكونه إبداع للمخرج, إلا إذا كان المقصود به هو الدعوة لثورة الجياع – حسب فكر المخرج – ولا نعتقد أن المصريين وصل بهم الحال إلى هذه الدرجة من الجوع حتى يثوروا على النظام.
لا ندرى على أى أساس اختار المخرج اللبنانية هيفاء وهبى لأداء دور "بيسه" فى الفيلم, فرغم أن الدور مغرق فى المصرية أى يمثل أدنى طبقة شعبية فإنه كان يجب الإستعانة بممثلة مصرية تقوم بالدور أما أن يستعين بلبنانية تندرج تحت قائمة مغنيات الإثارة فهذا هى قمة الإساءة للمصريات, وذلك من عدة وجوه:
ظهرت هيفاء وهبى فى الفيلم بكامل زينتها "ميكاب كامل", وكأنها تدارى انتفاخ وجهها وشفايفها, بخلاف ملابسها الفاضحة, و"السابوه" ذو الكعب غالى الثمن, وملابسها المكشوفة الضيقة والقصيرة جدا غالية الثمن أيضا, فهل هناك فتاة من أدنى المناطق شعبية ترتدى ما ظهرت به هيفاء؟.. خاصة وإنها تمثل دور أخت أحد بلطجية كارتة الميكروباص, أى إنها كما يقول المصريون "بيئة", فهل البنات "البيئة" يشبهن ما ظهرت به هيفاء فى الفيلم؟.
فى مشهد المولد, لا ندرى من قال للمخرج "العبقرى" أن الطرق الصوفية تقيم حلقات الذكر وسط المراجيح حتى يصور الصوفية وهم يؤدون حلقات الذكر التقليدية وسط المراجيح, حيث تلفت نظرهم هيفاء أو "بيسه" وهى تركب المرجيحة فتتطاير ملابسها مع ارتفاع وهبوط المرجيحة وتكشف عن ملابسها الداخلية, فيتوقفون عن الذكر ويذهبون إليها بعيون جائعة فتخاف "بدون أى إنفعال أو رد فعل على وجهها" وتترك المرجيحة؟!!..
مشهد مفتعل هو الأخر, فرغم ما ذكرنا أن حلقات الذكر لا تقام بين المراجيح فإن طريقة ركوب هيفاء لـ "المرجيحة" خاطىء أيضا فالمفروض أن يكون وجهها إلى الداخل مواجها لعمرو سعد أو شحاتة, أما أن يقف عمرو خلفها كمن يجلس خلف سائق الدراجة فهذا مخالف للواقع, مما يكشف سوء نية خالد يوسف, لأن هيفاء لو وقفت فى المرجيحة – كما يقول العقل والواقع والمنطق وفى مواجهة سعد لما انكشفت ساقيها لتكشف عن ملابسها الداخلية, وتثير – حسب إرادة خالد يوسف – غرائز الصوفية الذين يذكرون الله تعالى - وافتعاله هذه المشاهد ليس فقط من أجل الإثارة ولكن الأهم إنه للإساءة إلى حالة إسلامية ممثلة فى حلقات "الذكر", وقطاع من المسلمين ينتمون إلى "الصوفية".
هذا المشهد ليس بغريب عن خالد يوسف تلميذ يوسف شاهين الذى افتعل قصة عيسى العوام المسلم فى فيلم صلاح الدين فرغم أن عيسى كان مسلما إلا أن يوسف شاهين وفى تزوير فاضح للتاريخ جعل عيسى مسيحيا, حتى يكون للمسيحين "فضل" فى تحرير القدس, ولتصوير أن صلاح الدين القائد المسلم الشجاع محرر القدس, كان يعتمد على مسيحى وهذا المسيحى كان "أمينا" وكان موضع "ثقة" صلاح الدين؟!!..,
منتهى التزوير لحقائق التاريخ, وهذا ليس بغريب على يوسف شاهين كمسيحى, فهذا شأنهم دائما, ولكن الغريب أن يأتى خالد يوسف – المفروض إنه مسلم – ويقلب الحقائق أيضا ويتلاعب بالواقع لخدمة أغراضه فى الطعن فى الإسلام والمسلمين ومصر والمصريين, ولكن لا عجب فى ذلك, فمن شابه معلمه فما ظلم!.
لا يترك خالد يوسف مسألة الوطنية دون أن يلعب على وترها أيضا, حيث يصور ابن صاحب الفيلا الذى كان يعيش فى أمريكا وهو يبيع فيلا أبيه – رمز مصر – إلى سفير إسرائيل بمليون جنيه, رغم أن الأب كان مسجونا وقت اغتيال الرئيس السادات فى إشارة إلى إنه - ناصرى - من الجماعات المعارضة للرئيس وللسلام مع الصهاينة, ولكن ابنه الذى عاش فى أمريكا لا يهمه كل ذلك فيوافق على بيع الفيلا للإسرائيليين.
رغم ان رجال السفارة عرضوا مليون جنيه ثمنا للفيلا فإننا لا ندرى كيف حصل أولاد حجاج على مليون جنيه ثمنا للدكان و"حتة" الأرض الملاصقة لها!!.. وهى من السقطات التى تحسب على الفيلم وعلى المخرج, مثلما يحسب على يوسف شاهين إن أحد الممثلين ظهر فى فيلم صلاح الدين يرتدى ساعة حول معصمه, مما حرم الفيلم من الدخول إلى منافسات أوسكار فى سيتينيات القرن الماضى, ويبدو أن تلك السقطات "الصغيرة" لا تهم المخرجين المصريين فكثير جدا من الأعمال السينمائية والفيديو تظهر وبها كثير من تلك السقطات, والتى تنال بالطبع من قيمة تلك الأعمال وتدل على مدى الإهمال الذى يصاحب صناعة السينما فى مصر.
لا ندرى لماذا ذهب سعد عقب خروجه من السجن إلى الفيلا وهو يعلم إنها بيعت؟!!..
هل يريد أن يقول لنا أن مصر "خلاص اتباعت" أم إنه يريد الإشارة إلى أن المصريين – مثل الفلسطينيين – ما زالوا يحملون مفتاح ديارهم – ممثلا فى مفتاح الدكان - وتاريخهم – ممثلا فى شريط كاسيت سيرة بنى هلال – الذى كان يحمله شحاتة عقب خروجه من السجن, فهل صارت مصر مجرد "دكانا"؟.. وهل صار تاريخها تاريخ سيرة بنى هلال؟..
وإذا كان الأمر كذلك فهل موت شحاتة على يد شقيقه غير الشقيق يعنى أن مصر "ضاعت" بموت شحاتة الذى كان معجبا بعبد الناصر؟..
وكان والده يحتفظ بصورة "الزعيم" فى الدكان, فهل "ماتت" مصر بعد عبد الناصر؟,
وهل قتل عبد الناصر بيد "شقيقه" غير الشقيق يحمل تلميحا إلى أن الرئيس السادات قتل عبد الناصر؟!..
وهل كانت دعوة إلى التمرد على نظام حكم مبارك؟
إشارات كثيرة وتلميحات سياسية ودينية واجتماعية, يحملها الفيلم وقد غلفها بإثارة وجسد هيفاء – غير المثير– كانت تحتاج إلى وقفة جادة مع المخرج, وليس مجرد اختزالها فقط فى "إثارة" هيفاء" للذاكرين فى المولد!!  
لقد اعتمد أيضا خالد يوسف على هيفاء - والتى نرى إنها لا تصلح أن تكون ممثلة مثلما فشلت فى السابق أن تكون مغنية – كعامل جذب وإغراء للجمهور المراهق الذى يرغب فى رؤية صدر أو ساق ممثلة, وهذا ما ظهر من استخدام المخرج أو "توظيفه" لصدر هيفاء العارى طوال الفيلم وكذلك ساقيها خاصة أثناء تخيلها أن عمرو سعد يجامعها على السرير!!.
كما استخدم المخرج "جسد" هيفاء فى المشاهد التى جمعتها مع عمرو سعد على النيل وداخل الصوبة الزراعية بل فى الشارع وعلى قارعة الطريق حيث تحتضن هيفاء عمرو وتقبله فى مشاهد مثيرة إن لم تكن إباحية!!
فهل تحدث هذه المشاهد فى أى شارع فى مصر؟.. إلا إذا كان المقصود هو دعوة الشباب المصرى لتقليده, ودعوة للإباحية الجنسية, فهل هذا ما يريده خالد تلميذ يوسف؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق